الصفحة الرئيسية » المدونات » الخوف من الارتباط (فيلوفوبيا)
هل شعرت يومًا بـ الخوف من الارتباط بشريك حياة؟ هل واجهت مشاعر القلق أو الخوف عند التفكير في الارتباط بشخص ما؟ إذا كانت إجابتك بنعم، فقد تكون تعاني من ما يعرف بفيلوفوبيا، أو خوف من الارتباط.
يعتبر الارتباط بالآخرين جزءًا أساسيًا من الحياة الإنسانية، ومع ذلك، قد يكون البعض مصابًا بالخوف المرضي من الارتباط، مما يؤثر على قدرتهم على بناء علاقات صحية ومستدامة.
في هذا المقال، يكشف الدكتور محمد عوني أبو حليمة اختصاصي الطب النفسي ومعالجة الإدمان تفاصيل هذه الظاهرة، وأسبابها المحتملة، بالإضافة إلى الطرق الفعالة للتعامل معها وتجاوز هذه الحالة.
الخوف من الارتباط، المعروف أيضًا باسم “فيلوفوبيا”، هو حالة نفسية تتميز بشعور مرضي ومستمر بالقلق أو الخوف من الارتباط العاطفي بالآخرين، سواء كان ذلك في العلاقات الرومانسية أو العلاقات الاجتماعية القريبة.
يشعر الأشخاص المصابين بهذه الحالة بعدم الراحة والتوتر عند التفكير في الارتباط بشخص ما، وقد يبذلون جهودًا كبيرة لتجنب الارتباط أو الاقتراب من الآخرين على الصعيدين العاطفي والشخصي.
الخوف من الارتباط يمكن أن يظهر من خلال مجموعة متنوعة من الأعراض النفسية والجسدية.
إليك بعض الأعراض الشائعة:
أسباب الخوف من الارتباط، يمكن أن تكون متعددة وتتضمن ما يلي:
العلاقات العاطفية السابقة التي انتهت بشكل مؤلم أو خيانة أو سوء معاملة، قد تترك أثرًا نفسيًا عميقًا تجعل الشخص يتجنب تكرار التجربة.
الأطفال الذين يعانون من طلاق والديهم بسبب جدل، أو وفاة الوالدين، أو الهجر، أو إساءة معاملة الأطفال ، قد يجدون صعوبة في الشعور بالحب تجاه الآخرين، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الخوف من الارتباط.
الشعور بالخوف من فشل العلاقة أو عدم القدرة على الالتزام يمكن أن يكون دافعًا لتجنب الارتباط من الأساس.
انخفاض تقدير الذات وقلة الثقة بالنفس تجعل الشخص يشكك في قدرته على الحفاظ على علاقة صحية، مما يؤدي إلى تجنب الارتباط.
بعض الاضطرابات النفسية مثل اضطراب القلق العام أو اضطراب الشخصية الانفصامية يمكن أن تزيد من الخوف من الارتباط.
وجود توقعات غير واقعية عن العلاقات المثالية أو الشريك المثالي يمكن أن يجعل الشخص يشعر بأن أي علاقة ستكون غير كافية أو مخيبة للآمال.
الضغط من المجتمع أو الأسرة للالتزام بعلاقة يمكن أن يسبب توترًا وقلقًا، مما يدفع الشخص لتجنب الارتباط.
يمكن أن تلعب العوامل الوراثية دورًا في تطور هذا الخوف، حيث يكون بعض الأفراد أكثر عرضة للقلق والخوف بشكل عام.
تشخيص الخوف من الارتباط (فيلوفوبيا) يتم عادة من خلال تقييم شامل من قبل الطبيب النفسي، وتشمل عادةً الخطوات ما يلي:
يتم إجراء مقابلة شاملة مع المريض لتقييم الأعراض والمخاوف التي يعاني منها.
سيطرح الطبيب أسئلة حول التاريخ الشخصي والعائلي، التجارب العاطفية السابقة، وكيفية تأثير الخوف على الحياة اليومية والعلاقات.
سيقوم الطبيب بمراجعة التاريخ الطبي للمريض للتأكد من عدم وجود حالات طبية أو اضطرابات نفسية أخرى قد تكون سببًا للخوف من الارتباط.
يمكن أن يتم تقييم السلوكيات المرتبطة بالخوف من الارتباط، مثل تجنب المواقف الاجتماعية أو العلاقات العاطفية، والانتباه إلى الأنماط السلوكية التي تدل على القلق أو الرهاب.
يعتمد الطبيب على المعايير التشخيصية للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، لتحديد ما إذا كانت الأعراض تتوافق مع تشخيص الفيلوفوبيا أم لا.
علاج الخوف من الارتباط (فيلوفوبيا) يتطلب نهجًا متعدد الأوجه يجمع بين العلاج النفسي، الدعم العاطفي، وأحيانًا العلاج الدوائي.
إليك بعض الطرق الشائعة لعلاج هذا النوع من الخوف:
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي من أكثر العلاجات فعالية لعلاج الخوف من الارتباط، حيث أنه يساعد على تغيير الأفكار السلبية والمخاوف غير المنطقية المتعلقة بالارتباط، واستبدالها بأفكار أكثر إيجابية ومنطقية.
كما يتضمن التعرض التدريجي للمواقف التي تسبب الخوف بهدف تقليل مشاعر القلق.
يركز هذا النوع من العلاج على فهم الجذور العاطفية والنفسية للخوف من الارتباط.
من خلال الجلسات مع الطبيب، يمكن للمريض استكشاف تجاربه السابقة، والعلاقات العائلية، والتفاعلات الاجتماعية التي قد تكون ساهمت في تطوير الفوبيا.
يتضمن هذا النهج تعريض المريض بشكل تدريجي للمواقف التي يخشاها، بهدف تقليل الحساسية تجاه هذه المواقف وزيادة الثقة بالنفس في التعامل معها.
في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية مضادة للقلق أو مضادة للاكتئاب للمساعدة في إدارة الأعراض.
هذه الأدوية يمكن أن تكون مفيدة بشكل مؤقت حتى يتمكن المريض من الاستفادة الكاملة من العلاج النفسي.
يمكن أن يكون العلاج الجماعي مفيدًا أيضًا، حيث يتيح للمريض التفاعل مع آخرين يعانون من مشكلات مشابهة، مما يعزز الشعور بالدعم والانتماء ويقلل من مشاعر العزلة.
تشمل هذه التقنيات ممارسة التأمل، وتمارين التنفس العميق، واليوغا، والتي يمكن أن تساعد في تقليل مستويات القلق بشكل عام وتحسين الشعور بالراحة والاسترخاء.
وبشكل عام: ننوه على أنه لكل فرد احتياجاته الخاصة، ولذلك يجب تصميم خطة علاج مخصصة بناءً على تقييم شامل للحالة.
تذكر أن الشجاعة في مواجهة مخاوفك وطلب المساعدة عند الحاجة هما أولى الخطوات نحو التعافي.
إذا كنت تعاني من هذا الخوف أو تعرف شخصًا يعاني منه، فإن البحث عن الدعم المهني يمكن أن يكون المفتاح لفتح أبواب جديدة من الارتباط العاطفي والنمو الشخصي.
اقرأ أيضًا: خطورة الشخصية النرجسية
المصادر: