الصفحة الرئيسية » المدونات » تأثير المخدرات على الجهاز العصبي
تأثير المخدرات على الجهاز العصبي؟ دائمًا ما تأكد الدّراسات على خطورة الإدمان على المخدرات، والكثير منها يناقش تزايد ظاهرة الإدمان خاصةً بين فئة المراهقين.
ويوجد طبعًا أسباب كثيرة تدفع الأشخاص للإدمان؛ منها اعتقادهم بأنّ المخدرات تعمل على تخفيف شعورهم بالألم النفسي أو حتى الضغوطات.
ولكن ماذا عن تأثيرها على الجهاز العصبي؟ هل نتحدث عن تأثير ودمار يدوم أم كيف يمكن تدارك الأمر؟ هذا ما نناقشه مع الدكتور محمد عوني أبو حليمة اخصائي الطب النفسي والإدمان، في هذا المقال.
يسبب تعاطي المخدرات تأثيراتٍ عدة في الخلايا العصبية في الدماغ، وتواصلها مع بعضها البعض لإيصال الإشارات العصبية لأجزاء الجسم المختلفة.
مما يؤدي إلى تأثيرات إيجابية محدودة، وأخرى سلبية عديدة قد تضر بصحة الإنسان، وفيما يلي بيان تأثير المخدرات على الجهاز العصبي بالتفصيل:
وتتمثل بشكلٍ رئيسي بالشعور بالسعادة والنشوة المؤقتة، إذ يتسبب تعاطي المخدرات بارتفاع كبير في مستويات بعض الإشارات الكيميائية في الدماغ؛ بما في ذلك: المواد الأفيونية الطبيعية (الإندورفين) وبعض الناقلات العصبية.
ويترتب على ذلك شعور بالسعادة والنشوة والرغبة الشديدة في الخوض الأنشطة، ولكنها تكون مؤقتة وما تلبث أن تزول مع الوقت.
ملاحظة: لا يجب أن تكون التأثيرات اللحظية سببًا للاستمرار بتعاطي المخدرات، فهناك طرق عدة طبيعية وصحية للجسم للحصول على نفس هذه الفوائد دون الحاجة للتعاطي.
قد تتسب المخدرات بتأثيراتٍ تدوم لفترات قصيرة، ولا يبقى أثرها طويلًا، ونذكر من التأثيرات قصير المدى ما يلي:
إذ تعمل المخدرات على التأثير في طريقة عمل الخلايا العصبية؛ من حيث إرسالها واستقبالها ومعالجتها للإشارات العصبية.
بالإضافة إلى أن بعض أنواع المخدرات تساهم في تنشيط الخلايا العصبية وتحفيز زيادة إفراز بعض المواد الكيميائية في الدماغ بكمياتٍ غير طبيعية، مما يؤدي إلى منح الشخص المزيد من الطاقة واليقظة والنشاط.
إلى جانب قدرة إضافية على أداء المهام، ولكن تأثير ذلك يكون مؤقتًا؛ إذ يزول بمجرد زوال تأثير المخدرات ليشعر بعدها المتعاطي بالتوعك والإرهاق.
بعض هذه التصرفات قد يكون خطيراً؛ كممارسة الجنس دون وعي أو إدراك أو الجرائم، فإدمان المخدرات يؤدي إلى تعطيل قدرة الدماغ على اتخاذ القرارات المناسبة أو السيطرة على سلوكيات الجسد ومشاعره ورغباته القوية.
فيجد الشخص نفسه يمارس سلوكيات ويتخذ قرارات غير منطقية، أو سلوكيات لم يكن مقتنعًا بها في السابق.
كذلك فإن عدم امتلاك المال للحصول على المخدرات قد يدفع الشخص للسرقة أو ارتكاب الجرائم للحصول على ما يريده.
ملاحظة: إن التعافي من التعاطي يحمي من هذه الأضرار، ويكون الشخص أكثر صحة وقدرة على التعامل مع الظروف مقارنةً بما كان عليه أثناء التعاطي.
على الرغم من أن للمخدرات تأثير سلبي في حال تعاطيها لفترات طويلة، إلا أنه لا يجب أن نتجاهل أن العلاج من التعاطي يُفيد من منع حدوث هذه المضاعفات، وتخفيف تأثيرها في حال حدوثها.
وفيما يلي بيان لتأثير المخدرات على المدى البعيد:
يؤدي تعاطي المخدرات إلى تلف بعض الخلايا العصبية ومشاكل في نقل الرسائل، وأجزاء معينة من الدماغ مع الوقت، وتغير بنيته وتركيبتها، وينعكس ذلك سلباً على قدرة الدماغ على تأدية وظائفه الاعتيادية؛ مثل:
إذ يتسبب إدمان المخدرات وتعاطيها على فترات زمنية طويلة إلى تغير المواد الكيميائية في الدماغ، وصعوبة تذكر المعلومات.
وقد يتسبب بعضها بانخفاض كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ، وبالتالي تراجع قدرة الدماغ على تذكر الأشياء وتكوين الذكريات.
إذ يؤدي تعاطي المخدرات إلى تغيرات في توازن كيمياء الدماغ؛ والتي قد تختلف باختلاف المواد التي يتم تعاطيها.
فقد يؤدي تعاطي بعضها إلى إنتاج كميات أقل من الناقل العصبي المعروف بغابا (GAPA)، وكميات أكبر من الناقل العصبي المعروف بغلوتامات (Glutamate)، مما يؤدي إلى تحفيز مشاعر القلق والانفعال عندما لا يحصل الشخص على المادة التي يتعاطاها.
وكذلك فإن الشعور بالقلق قد يكون مرتبطًا بتفكير الشخص المستمر بطريقةٍ للحصول على حاجته من المخدرات.
إذ قد يؤدي تعاطي المخدرات على فترات طويلة إلى إضعاف قشرة الفص الجبهي في الدماغ، وهذا الجزء هو المسؤول عن الوظائف العليا؛ كالانتباه وضبط النفس والتخطيط والتنظيم العاطفي.
ولذلك فإن ضعف هذه المنطقة يتسبب بتقلباتٍ عاطفية ومشاكل في التخطيط والانتباه.
على الرغم من التأثيرات الضارة للمخدرات على الجهاز العصبي إلا أن الإسراع بالعلاج والتوجه لمراكز معالجة الإدمان أو المعالج النفسي يساهم في التصدي لهذه الأضرار وعكسها.
ووفقاً لدراسةٍ نشرها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات (NIDA) ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) عام 2020م فإن ما نسبته 75% من متعاطي المخدرات يتعافون في النهاية بشكلٍ تام عند التوجه للمراكز المختصة وعقد النية على ذلك.
اقرأ أيضًا: الوسواس القهري
المصادر: